[center]
بسم الله الرحمن الرحيم
نبـــض أخــــر ...
منذُ طفولتها وهي الفتاة المدللة الجميلة التي يسعى كل من في البيت
ليكون بقربها وتداعب يداه وجنتيها البريئة ويحتضن صدره جسدها الصغير الطاهر ...
بدأت تكبر ... وتكبر معها أحلامها وأمانيها ...
ولكن ..!!
رغم كِبر الطموح واتساع الأحلام والأماني ...
بدأت ضجّة الإهتمام الرائعة التي كانت تُحيط بها تصغر
ويخفت بريقها ...!!
وعندما أصبحت فتاة ناضجة ..
بدأت تضيق عليها الأرض بما رحبت ...
فهي الملكة التي بات عرشها ينهار ... واشراقة وجهها المضئ تنطفئ...!!
تقفُ على نافذتها كل صباح لتحاور حمامة بيضاء تقف على نافذتها ..
وكأنها الصديقة الحنونة ...
والأنيس الوحيد لزوابعٍ تدك صدرها وتمزقه..!!
شفتيها تهمس للحمامة ...
وعينيها لا تغادر ذلك الشاب الذي يسكن بجوار منزلها ...
فقد أدمنت أن تودّع نظراتها الشاب كل صباحٍ وهو في طريقه إلى عمله ...!!
مرت الأيام ... وأعقبتها الشهور ...
وقد بات هذا الشاب ورؤيته مصدر سعادة لها ...
نورٌ يسطع في ظلمة مشاعرها الكئيبة..!!!
وفجأة ... أصيبت تلك الفتاة .. بتوقف كليتيها عن العمل ...
وأصبحت في حالٍ حرجة ...
ولا بد من أن تُزرع لها كلية ... في أقرب وقت ...!!
حاولت العائلة جاهدةً أن تجد حلاً سريعاً ..
فالوقت ضيق ... وحالة ابنتهم في تدهورٍ سريع ...
حتى شاء الله أن يجدوا من يتبرع لها بإحدى كليتيه ...
فقد فرّج الله كربتهم من حيث لا يعلمون ...!!
خضعت الفتاة للعملية ... وكتب الله لها الشفاء ...
وفي صدرها فرحةٌ عامرة لا تدري ما هي مصدرها ...
وسعادة تكاد أن تحلّق بها إلى السماء .. وكأنها بدرٌ تتغنى له النجوم ..!!
خرجت من المستشفى ...
وأهلها يرافقونها للمنزل ...
دخلت غرفتها التي طالمت احتضنت قصة حبٍ صامتة ... عبر شُرفةٍ صغيرة ..!!
فرغم فرحتها بالشفاء ... إلا أن في صدرها عتابٌ كبير لذلك الشاب رغم جهله بأنها تحبه..!!
وأنها المودّع الأخير له كل صباحٍ وهو في طريقه إلى عمله ...
وفجأة ...
يصرخ أخيها أن تعالي إلى النافذة ...
وهي تمشي على مهلٍ لا تعلم ما سر هذا النداء ...!!
أنظري إلى ذلك الشاب ... هكذا قال لها أخوها ..!!
كاد قلبها أن يتوقف بمجرد رؤية ذلك الحبيب ... ورغم اتساع دائرة العِتاب ...
إلا أن كل خلية في جسدها بدأت تتحرك ... وكأنها تُريد الذهاب إليه واحتضانه..!!
انتبهت لنفسها وأحبّت أن لا يُكشف سرّها فردت على أخيها ببرود ..
ومن يكون ذلك الشاب ...؟!!!
فقال هو من أهداكِ إحدى كليتيه .... !!!
وهو راحلٌ إلى الخارج لأكمال دراسته ...!!!
كاد يُغشى عليها ...
وكادت أن تسقط ...!!
ولكنها تماسكت وطلبت من أهلها الخروج من الغرفة لترتاح ...
وما إن خرج آخر واحدٍ من غرفتها ... حتى أغلقت الباب بالمفتاح ...
واتجهت إلى نافذتها تبكي بحرقه ...
ودموعها تُسكبُ سكباً ...
تنظر لحبيبها ...
وتقول ...
مازال في داخل جسدي بضعٌ منك ينبض ...!!!